responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 168
وَنَهْيُكُمُ الَّذِي نَهَاكُمْ عَنْهُ. فَقَالُوا: وَمَنْ يَأْخُذُهُ بِقَوْلِكَ أَنْتَ؟ لَا وَاللَّهِ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً حَتَّى يَطَّلِعَ اللَّهُ عَلَيْنَا فَيَقُولَ: هَذَا كِتَابِي فَخُذُوهُ، فَمَا لَهُ لَا يُكَلِّمُنَا كَمَا يُكَلِّمُكَ أَنْتَ يَا مُوسَى، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً قَالَ: فَجَاءَتْ غَضْبَةٌ مِنَ اللَّهِ فَجَاءَتْهُمْ صَاعِقَةٌ بَعْدَ التَّوْبَةِ فَصَعَقَتْهُمْ فَمَاتُوا أَجْمَعُونَ، قَالَ: ثُمَّ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِمْ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: خُذُوا كِتَابَ اللَّهِ، فَقَالُوا: لَا، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَصَابَكُمْ؟ فَقَالُوا: أصابنا أنا متنا ثم أحيينا، قَالَ: خُذُوا كِتَابَ اللَّهِ، قَالُوا: لَا، فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَائِكَةً فَنَتَقَتِ «1»
الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ. وَهَذَا السِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كُلِّفُوا بَعْدَ مَا أُحْيُوا. وَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سَقَطَ التَّكْلِيفُ عَنْهُمْ لِمُعَايَنَتِهِمُ الْأَمْرَ جَهْرَةً حَتَّى صَارُوا مُضْطَرِّينَ إِلَى التَّصْدِيقِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ لِئَلَّا يَخْلُوَ عَاقِلٌ مِنْ تَكْلِيفٍ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ «2»
: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ مُعَايَنَتَهُمْ لِلْأُمُورِ الْفَظِيعَةِ لَا تَمْنَعُ تَكْلِيفَهُمْ لِأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ شَاهَدُوا أُمُورًا عِظَامًا مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ مُكَلَّفُونَ وَهَذَا وَاضِحٌ، وَاللَّهُ أعلم.

[سورة البقرة [2] : آية 57]
وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا دَفَعَهُ عَنْهُمْ مِنَ النِّقَمِ، شَرَعَ يُذَكِّرُهُمْ أَيْضًا بِمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنَ النِّعَمِ، فَقَالَ:
وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَهُوَ جَمْعُ غَمَامَةٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَغُمُّ السَّمَاءَ أَيْ يُوَارِيهَا وَيَسْتُرُهَا، وَهُوَ السَّحَابُ الْأَبْيَضُ ظُلِّلُوا بِهِ فِي التِّيهِ لِيَقِيَهُمْ حَرَّ الشَّمْسِ، كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ الْفُتُونِ، قَالَ: ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمْ فِي التِّيهِ بِالْغَمَامِ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَأَبِي مِجْلَزٍ وَالضَّحَاكِ وَالسُّدِّيِّ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ كَانَ هَذَا فِي الْبَرِّيَّةِ، ظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ مِنَ الشَّمْسِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: قَالَ آخَرُونَ: وَهُوَ غَمَامٌ أَبْرَدُ مِنْ هَذَا وَأَطْيَبُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ قَالَ، لَيْسَ بِالسَّحَابِ هُوَ الْغَمَامُ الَّذِي يَأْتِي اللَّهُ فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا لَهُمْ. وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ «3»
، وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَكَأَنَّهُ يريد، والله أعلم، أن لَيْسَ مِنْ زِيِّ هَذَا السَّحَابِ بَلْ أَحْسَنُ مِنْهُ وَأَطْيَبُ وَأَبْهَى مَنْظَرًا، كَمَا قَالَ سُنَيْدٌ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ قَالَ:
غَمَامٌ أَبْرَدُ مِنْ هَذَا وَأَطْيَبُ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي اللَّهُ فِيهِ فِي قَوْلِهِ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ

(1) نتقت الجبل: رفعته من مكانه لترمي به. أو: هزّته ونفضته.
[2] تفسير القرطبي 1/ 405. وما حكاه الماوردي نقله القرطبي.
(3) الطبري 1/ 233.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 1  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست